أعلن المرشح الرئاسي خالد علي الانسحاب من استكمال إجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية.
وقال في كلمته “لم نتخذ قرارنا بالترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في نوفمبر الماضي إلا رهانًا منا على إمكانيات في الواقع رأيناها تظهر أمام أعيننا منذ عام، بالتحديد منذ معركة تيران وصنافير، وما كشفت عنه من رغبة في التغيير أوسع بكثير مما يظن النظام الحاكم، بل ومما كنا نظن أنفسنا… رغبة في التغيير، وأملا في بدائل لمسار الديكتاتورية، والإفقار، والفشل في التعامل مع الخطر الإرهابي، وتصاعد العنف الطائفي كانت تعتمل في صدور قطاع ضخم من الشباب المبدع المنفتح على العالم، والمهمش في نفس الوقت.. بل نجزم أن هذه الرغبة في التغيير تتجاوز هذا الشباب إلى مختلف طبقات المجتمع وشرائحه… وكانت المؤشرات التي تلت هذه المعركة، وخصوصًا بعد القرارات الاقتصادية التي صدرت العام الماضي بطريقة الصدمات وما أسفرت عنه من تدهور حاد في مستويات معيشة الغالبية العظمى من المصريين وفقًا للمؤشرات الحكومية نفسها، علاوة على تصاعد القمع الممنهج أكدت لنا صحة تقديراتنا أن هناك تطلعًا لصوت ديمقراطي بديل يعلن عن نفسه بمنتهى القوة ويطرح نفسه على الناس باحترام وشرف واستقامة مهما كانت فرص النجاح في المحاولة من عدمه.
ومن منطلق المسئولية السياسية والإيمان بأهمية خوص الصراع من أجل نيل الديمقراطية التى نتمناها لبلادنا، رأينا أن الاستحقاق الرئاسي فرصة آمنة لفتح حوار حقيقي وجاد حول مستقبل هذا البلد مع الغالبية العظمى من أبناء شعبنا، بعيدًا عن أجواء التخوين والاتهامات المجانية بدعم الإرهاب، وفي إطار دستوري وقانوني سليم.
وبالطبع لم يكن رهاننا يومًا متوقفًا على عقلانية الاستجابة من طرف السلطة الحاكمة حاليًّا واستعدادها للتحلي بنفس القدر من المسئولية الوطنية في توفير أجواء تسمح بهذا الحوار وتشجع على مشاركة غالبية المصريين فيه، بقدر ما كان رهاننا على قدرة الناس على انتزاع مساحة المشاركة بنضالهم واستبسالهم.
وكما هو معلوم، قوبل ترشحنا برد فعل عصبي وغير مسئول تمثَّل في القبض على عدد كبير من الشباب المسئول عن هذا القرار منذ الصيف الماضي بل وإحالة بعضهم إلى محاكمات عاجلة بتهم هزلية وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب الذي لم يصدر إلا لترهيب الجميع، وتثبيت دعائم هذه السلطة، ثم تلفيق قضية هزلية لي شخصيًّا لا تصمد للنقاش والجدل القانوني في المحاكم لبضع ساعات، لا لشيء إلا لتوفير ذريعة قانونية شكلية تمنعنا من الترشح، ثم إعلان جدول زمني مجحف في غفلة من الزمن يلزمنا بالبدء في جمع التوكيلات اللازمة للترشح بعد ساعات من إعلان الهيئة العليا للانتخابات قراراتها في تحد صارخ للقواعد المتعارف عليها لإدارة انتخابات حرة ونزيهة بل ولقواعد المنطق التي تسمح لنا بتجهيز وتدريب متطوعينا وتفريغهم بل وتدريب موظفي الشهر العقاري أنفسهم.
ومع ذلك، وحرصًا على حماس الشباب الذي آمن بفكرتنا ومشروعنا، واستجابةً للعديد من أصوات المواطنين المصريين الذين قبلوا بهذا التحدي من أجل الحفاظ على أي قناة مفتوحة للمشاركة السياسية، قررنا البدء في جمع التوكيلات المطلوبة. وبالرغم من ذلك استمرت هذه السلطة في نهجها المغرور، ورأينا عجبًا في الأيام الماضية لا يليق بسمعة مصر وسمعة شعبها العظيم، من استغلال دنيء لاحتياجات الناس، ضحايا سياسات الإفقار التي ترعاها هذه السلطة، وحشدهم في مواكب مبايعة بالمال والابتزاز بالإعانات الاجتماعية بل والمعاشات كما لو كانت منة، يمن بها علينا الجالسون في مقاعد الحكم، وذلك من أجل تحرير توكيلات للرئيس الحالي والمرشح المحتمل للرئاسة، ثم التعنت غير المفهوم أو المبرر للهيئة العليا للانتخابات التي تجاهلت القسم الأكبر من شكاوانا، خصوصًا ما يتعلق باستمرار الدعاية الانتخابية للرئيس الحالي في الشوارع والميادين وحشد موظفي الجهاز الإداري للدولة أمام مكاتب الشهر العقاري، نهاية بإنكار حقنا البديهي في الحصول على بيان رسمى بعدد المواطنين الذين حرروا توكيلات التأييد. وفي الأيام القليلة الماضية تدنت تلك الممارسات إلى مستويات لم نكن نتصورها من سرقة توكيلات المواطنين المؤيدين لنا أمام مكاتب الشهر العقاري، وتسويق إشاعة أننا نشتري التوكيلات بالمال، وذلك عن طريق مأجورين ومخبرين معروفين بالاسم في مناطقهم، وصولًا إلى محاولة دس توكيلات غير مستوفية للشروط وتسليمها في مقر الحملة. كل هذه المؤشرات كانت تشير إلى نية مبيّتة لتسميم العملية برمتها وإفسادها وتفريغها من مضمونها الديمقراطي المفترض، والزج بنا إلى مساحات لا نجيد التعامل فيها، ويشرفنا عدم قدرتنا على التعامل وفقًا لهذه الشروط.
في المقابل، ونحن نخوض معركتنا، ونسعى لتعبئة كوادر وشباب القوى السياسية المدنية والديمقراطية، بعيدًا عن صراعات القصور، وأروقة دولاب الدولة، وأجهزتها، وصراعاتها المريرة، أملًا فى بناء جِدار للمعارضة المصرية المدنية عبر دماء جديدة وشابة ومبدعة لتلتحم مع قياداتها، تعضد من قوتها، وتستمد منها الخبرة والرؤية، أعلن الفريق سامي عنان ترشحه في خطوة نرى أنها كانت غير محسوبة، ولا يمكن أن تسفر عن شيء إلا مزيد من القمع، وإذا كان مستشارو حملتِه وبعض أعضائها من الشخصيات العامة التي نقدرها ونحترم تاريخها، إلا أننا نختلف جذريًّا مع هذا المشروع الذى تبنوه، ونراه محاولة غير محمودة لإعادة إنتاج الماضى، واستدعاء لصراعات بين مسئولين وأجهزة قد تحمل طابعًا شخصيًّا أو غير ذلك، لكنها فى المجمل صراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل (فأيبك هو أقطاى، وأقطاى هو أيبك)، إن الذين اعتادوا مواقع السلطة ولا يتصورون أنفسهم خارجها، حتى وإن كانوا يتحملون نصيبهم من المسئولية عما وصلنا إليه من أزمة سياسية شاملة إبان إدارتهم للمرحلة الانتقالية الأولى، ومنهم الفريق سامى عنان بالطبع، كنا نظن أن الوقت قد حان ليفهم البعض أن دورهم قد انتهى، وأننا وإن كنا عجزنا عن محاسبتهم عما ارتكبوه من جرائم وخطايا في حق الوطن، فليس أقل من التواري عن الأنظار وإتاحة الفرصة لمن يريد أن يبدأ بداية جديدة مع الشعب المصري بعد التعلم من أخطائه. إلا أن بريق السلطة، أو الحسابات الخاطئة، وعدم الإيمان بقدرة المدنيين على التغيير في الحالتين، قد أعمت العيون وأصمّت الآذان عما نقول. وبالرغم من ذلك فقد أعلنا ونعلن عن دعم حق الجميع في الترشح، بل وقلنا إن ترشيح الفريق عنان يضفي مزيدًا من الجدية والتنافسية على العملية الانتخابية يصب في مصلحتنا في النهاية، وننحاز اليوم بلا مواربة لحقه في محاكمة علنية نزيهة لا تخل بحقوقه الدستورية والقانونية.
ومنذ الأمس، تنهال علينا الدعاوى والاقتراحات من الجهتين: من يطالبنا بالانسحاب الفوري من المعركة التي تسممت أجواؤها تمامًا، كما ذكرنا بحكم ممارسات السلطة، وممارسات الطامعين فيها، ومن يٌلح علينا في الاستمرار؛ حرصًا على الزخم المتولد في الأسابيع الماضية وعدم التفريط فيه أو خذلان الشباب الذي جاد علينا بكل ما يملكون من طاقة وجهد ووقت. كان خيارًا صعبًا ومريرًا في الحقيقة. لم يكن لنا أن نحسم قرارنا في سويعات قليلة في أمر لا نملكه وحدنا بل أصبح ملكًا لحلفاء في أحزاب وكيانات سياسية أعلنت دعمها لنا منذ اليوم الأول (كحزب الدستور والاشتراكيين الثوريين، وحركة 6 إبريل، وتيار الكرامة، وشباب الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وطلاب مصر القوية، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وحزب مصر الحرية، وبالطبع حزب العيش والحرية) الذي أشرف أن أكون وكيل مؤسسيه.
وقبل ذلك فهذا الأمر مِلك لشباب حملة انتخابية واعدة أذهلتنا نحن أنفسنا بقدرتها على التنظيم في وقت قصير، وضربت أروع الأمثلة خلال تلك الفترة القصيرة في الإبداع والتعلم ونشر الوعي بدرجة بعثت الأمل في عقول وقلوب أكثر المحبطين والمتشائمين. لم يكن من السهل أن نخون ثقة المواطنين الذين غامروا في ظروف بالغة القمعية بإعلان رفضهم الصريح الذي لا يحتمل التأويل لسياسات الحكم الحالي وشخوصه، والذين حرروا لنا آلاف التوكيلات الشعبية، وفي ضوء تعتيم الهيئة العليا للانتخابات ورفضها إعطاءنا بيانًا بعدد التوكيلات التي حررها المواطنون والذي كان مرشحًا للزيادة في الأيام القادمة، ولم نكن لنسمح أن تختلط توكيلاتهم التي جمعت بمنتهى الشرف والاستقامة بتوكيلات جمعت عن طريق الخداع والتلاعب.
لكل هؤلاء أنحني تواضعًا وفخرًا وسعادةً لأن في بلادنا كل هذه الطاقة والقدرة على الفعل والثقة بالذات وبالشعب والأمل في المستقبل. هنا، في هذه المساحة الضيقة، كنا نتنسم ريحًا من ثورة يناير المغدورة، وهنا استعدنا الأمل أن روح يناير لم تمت وأنها تبعث مرة أخرى من رمادها عفية كما كانت في سيرتها الأولى. نضالكم طمأننا على مستقبل بلادنا وزادنا ثقة في صحة مبادئنا ومعتقداتنا وأخلاقنا وقيمنا. فلكم جميعًا الشكر والعرفان والتقدير. وكان واجبكم علينا أن لا نتخذ قرارًا قبل استشارة أصغر متطوع وأبعد متطوع عن العاصمة والأكثر عرضة للخطر والتضحية.
ونحن إذ نعلن قرارنا اليوم فإننا نؤكد احترمنا لجميع الخيارات والأصوات ووجهات النظر الأخرى، ونرى أصحابها شركاء لنا في معركة التغيير التي خاضها مناضلون عبر عقود عدة، وستستمر، ولن تتوقف أيًّا كانت نتيجة هذا الاستحقاق الانتخابي، سواء في منظماتنا القائمة أو منظمات جديدة واعدة، أو في معارك انتخابية وسياسية لن نتركها بدون محاولة لانتزاع مساحة للفعل والحوار والدعاية لما نعتقد أنه يليق بشعبنا، ولما نؤمن به من برامج وانحيازات وأفكار ومبادئ، وندعو أبناء شعبنا للتفاعل معها بالنقد والتطوير والتصحيح؛ وذلك حتى تتحول إلى برامج عمل لكل القوى الوطنية والديمقراطية في الشهور والسنوات المقبلة.
وبناءً على المشاورات المستمرة مع مناضلي حملتنا، ومع الشخصيات العامة والسياسية التى دعمت هذه المعركة، نؤكد أن شعار حملتنا (طريق لبكرة)
هو طريق لكل الحالمين
هو طريق لكل المتمسكين بالأمل
هو طريق لرافضى كل دعاوى اليأس والإحباط
وهو أيضًا
عنوان لأبناء ثورتنا
ومبادئها
وقيمها
فهو طريق للنزاهة والشفافية
وهو طريق يرحب بالتنافسية حتى مع أعدائها.
إلا أن المحظور المتوقع قد وقع، ووقع بصورة لا يتمناها أحد لهذا البلد. وكان أثر التطورات التى شهدها مسار العملية الانتخابية حتى الآن قد انتهى برسالة للجميع أن الانفراجة البسيطة التي راهنّا على استغلالها قد أُغلقت، إذ إن ثقة الناس في إمكانية تحويل الاستحقاق الانتخابي إلى فرصة لبداية جديدة قد انتهت إلى حين وانتهت معها إمكانيات الدعاية والتعبئة والمنافسة.
اليوم نعلن قرارنا بأننا لن نخوض هذا السباق الانتخابي ولن نتقدم بأوراق ترشحنا فى سياق استنفد كل أغراضه من وجهة نظرنا قبل أن يبدأ
عاشت مصر وطنًا للحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية بلا إرهاب ولا قمع ولا طائفية ولا تمييز… عاشت مصر التي نراها في عيون شبابنا المناضل والذين نعاهدهم أننا لن نتركهم في معركتهم من أجل مستقبل يليق بنا وبهم وبأولادنا الذين لم يروا النور بعد.