الرئيسية » مقالات » مدحت الزاهد يكتب عن الحشود العسكرية في الخليج

مدحت الزاهد يكتب عن الحشود العسكرية في الخليج


الحرب، كما وصفها المؤرخ العسكرى الالمانى كارل فون كلاوزفيتز، هى امتداد للسياسة بوسائل أخرى عنيفة وهدف كل حرب هو اكراه عدوك على الخضوع وكسر ارادته ووسيلتها تحطيم قدراته وموارده، ثم التفاوض تبعا لميزان القوى وفقا للمعادلة التي صاغها وزير الحربية ورئيس المخابرات العامة المصرية الاسبق أمين هويدى (حرب – حرب .. كلام كلام)وينطبق هذا أيضا على استخدام القوة العسكرية والحشود وتعبئة الموارد لتحقيق غايات الحرب دون الدخول في مواجهة شاملة . وما يحدث في المنطقة منذ سنوات هي حرب بالوكالة مدعومة من القوى الإقليمية والدولية بهدف الهيمنة الامريكية – الصهيونية . ولم تتورط هذه القوى مباشرة الا في عمليات محدودة محسوبة ، كما شملت هذه الحرب الحصار الاقتصادى لإيران بهدف خنقها واضعافها واحداث تمرد داخلى في صفوفها باعتبارها تقود محورا يناويء الهيمنة الامريكية .

والجديد الان أن القوى الدولية والإقليمية الكبرى تقوم بعلميات تصعيد وتكثف حضورها المباشر باستخدام اكثر عنفا لما لديها من موارد وإمكانات للتأثير على إرادة العدو وفى هذا السياق تحركت الاساطيل وتعاظمت العقوبات وحدثت انفجارات الفجيرة وتصعيد حرب اليمن والتهديد باغلاق المضايق . ومع هذا لم تنزلق المنطقة الى حرب شاملة تلحق دمارا واسعا يمتد الى محيط اكبر من التحرشات العنيفة. واظن انه صار واضحا أن توازن القوى وحجم الدمار والخسائر لن يجعل الحرب نزهة لاى طرف دولى او اقليمى فنتائجها مريرة. لكن الحشود قادت المنطقة الى حافة الحرب ، وهى سياسة تقليدية لصقور الإدارات الامريكية ، عندما تتراجع مصالحهم ، على نحو ما جرى للمصالح الامريكية فى المشرق العربى الان واتجاهها الى الحسم لصالح المحور المناوىء.
وقد اشتهر جون فوستر دلاس وزير خارجية أمريكا الأسبق بانتهاج سياسة “حافة الهاوية” بالدفع بالازمات الى ذروتها لتحقيق المكاسب تحت ضغط الترويع . ولم يكن دلاس اقل جنونا من ترامب ولكن كلاهما ادرك “حدود القوة” وكلاهما سعى تحت التهديد للحصول على اكبر قدر من التنازل ، وكلاهما لديه مهارات المناورة والتراجع . من هنا لا اظن أن الازمة ستتفجر لتصل الى حرب شاملة وقد يكون التصعيد الأخير رافعة للتفاوض او العودة الى الوضع السابق “محلك سر” بعد بروفة ساخنة لاستعرض القوى.

وان حدث الانتقال الى وضع كلام – كلام فإن الكلام سيشمل المصالح الغربية في الخليج والوجود الايرانى في سوريا ومحاولات التفتيت والبرناج النووي الايرانى وحرب اليمن والعقوبات الاقتصادية على ايران وفرص تحقيق تسوية لتقسيم النفوذ في الخليج والمشرق العربى ودول جواره تضمن المصالح الغربية فى الخليج والاعتراف بالاوضاع الجديدة فى المشرق. والأرجح أن التسويات والتنازلات ان حدثت ستتم على مراحل وان المنطقة لن تبقى علي حالها وأنه حتى لو حدثت صفقات فإن بؤرا ملتهبة للتوتر سوف تستمر لفترة و قد تكون مادة لصراع جديد.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.