الرئيسية » اقتصاد » الرأسمالية وكيف تواجه الأزمات الكبري

الرأسمالية وكيف تواجه الأزمات الكبري

كتب إلهامي الميرغني

عندما يمر التطور الرأسمالي بأزمات اقتصادية كبري نجد الرأسمالية تهرع لاستخدام الحلول الكينزية وإذا لم تأتي ثمارها تطبق حلول اشتراكية لكي تحافظ علي استمرار النظام ومن خلال اليات مخالفة لكل اليات الرأسمالية والاقتصاد الذي يتوزان من تلقاء نفسه والخرافات التي تم ترويجها لعقود سابقة.

الأمر المهم الثاني الذي نود التأكيد عليه هو أن الأزمة تعصف بالاقتصاديات الرأسمالية الكبري قبل الأنظمة الرأسمالية الصاعدة والضعيفة .

الأمر الثالث هو شدة الأزمات وتصاعدها والاحتياج لضخ مبالغ كبيرة لتأخير الانهيار في عام 2008 قامت الولايات المتحدة بضخ 700 مليار دولار لوقف التدهور وهلل البعض لتجاوز الأزمة وعودة الصلف والعربدة الأمريكية،ومع تصاعد أزمة كورونا يجب ان نلاحظ تغير لغة خطابات ترامب وضخ 2 تريليون دولار لمواجهة أعباء الأزمة.ومن المؤكد انها ليست نهاية الرأسمالية ولكنها درجة علي منحدر الانهيار .

عندما تفجرت أزمة الرهن العقاري في نهاية 2007 ومطلع 2008 وانفجرت الفقاعة العقارية ماذا فعل أساطين النظام الرأسمالي المعولم .

الولايات المتحدة الأمريكية

  • 16مارس 2008: “جي پي مورگان تشيس” يعلن شراء بنك الأعمال الأميركي “بير سترنز” بسعر متدن ومع المساعدة المالية للاحتياطي الاتحادي.
  • 7 سبتمبر 2008: وزارة الخزانة الأميركية تضع المجموعتين العملاقتين في مجال تسليفات الرهن العقاري “فريدي ماك” و”فاني ماي” تحت الوصاية طيلة الفترة التي تحتاجانها لإعادة هيكلة ماليتهما، مع كفالة ديونهما حتى حدود 200 مليار دولار.
  • 15 سبتمبر 2008: اعتراف بنك الأعمال ليمان براذرز بإفلاسه بينما أعلن بنك أوف أميركا وهو أحد أبرز المصارف الأميركية شراء بنك آخر للأعمال في وول ستريت هو ميريل لينش.
  • 16 سبتمبر 2008 الاحتياطي الاتحادي والحكومة الأميركية تؤممان بفعل الأمر الواقع أكبر مجموعة تأمين في العالم “أي آي جي” المهددة بالإفلاس عبر منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 9.79% من رأسمالها.

المملكة المتحدة

  • 17 فبراير 2008: الحكومة البريطانية تؤمم بنك “نورذرن روك”.

بعد أن روجوا لسنوات طويلة بالخصخصة ورفض التأميمات،وبعد أن روجوا اسطورة السوق الذي يوازن نفسه وحرية الأسواق ودعه يعمل دعه يمر.وعندما انفجرت الأزمة لم يجدو حلول للمواجهة غير فرض الوصاية والتأميم للشركات والمصارف الكبري وعقد صفقات بيع كبري بضمان الحكومة .

وبعد أن خدعونا بفكرة بنوك الاستثمار وبعد تفجر الأزمة في 2008 قامت أمريكا بتحويل مؤسسة مورغان ستانلي مع نظيراتها غولدمان ساكس، وجي بي مورغان شايس، وبنك أوف أمريكا ميريل لانش من مصارف إستثمارية متخصصة إلى مصارف شاملة الأنشطة التجارية والإستثمارية.هكذا وبحلول كينزية بل واشتراكية أحياناً،تمكنت الدول الكبري من تجاوز الأزمة.

الآن بعد تفجر وباء كورونا وانتشاره في العالم ووصول أعداد المصابين لأكثر من نصف مليون مصاب في أكثر من 100 دولة حول العالم . لم تجد الدول الكبري إلا التدخلات العنيفة مرة أخري فقررت الحكومة الإسبانية تأميم جميع المستشفيات الخاصة ومراكز الرعاية الصحية في البلاد، فضلا عن الاستعانة بطلبة كليات الطب في جهود علاج وتمريض المصابين بفيروس كورونا.وبحسب “بيزنس إنسايدر” أعلن سلفادور إيلا وزير الصحة الإسباني، عن القرار الذي سيتيح للحكومة الاستفادة من جميع منشآت الرعاية الصحية في البلاد أيا كان مالكها، فضلا عن مصادرة ما لدى شركات إنتاج المعدات الطبية ومورديها من أقنعة وكمامات واختبارات كشف وغيرها من المواد اللازمة لمعالجة كورونا.

اليوم وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قرار يلزم شركة جنرال موتورز بتصنيع أجهزة تنفس صناعية، وذلك بموجب قانون الإنتاج الدفاعي، وفقا لشبكة “سي ان بي سي” الأمريكية. واتهمت الإدارة الأمريكية جنرال موتورز بـ “إضاعة الوقت” بعد تعليق محادثات لإنتاج مشترك لأجهزة التنفس التي تحتاجها البلاد لمواجهة وباء كورونا.

لم تنتظر الحكومة الأمريكية اقناع الشركة واستكمال المفاوضات معها أمام خطر داهم وألزمتها بإنتاج أجهزة التنفس الصناعي التي تحتاجها لمواجهة كورونا.هنا غلبت الولايات المتحدة معايير المصلحة العامة علي معايير الأرباح وحقوق المساهمين.ففي ظل الأزمات الكبري لا وقت لقوانين السوق الرأسمالي والتوزان الذي يتم من تلقاء نفسه .

أهم دروس كورونا

أولاً : كشف الفيروس عورات الدول الرأسمالية الكبري بما فيها مجموعة العشرين والاتحاد الأوروبي.وها هي الولايات المتحدة والصين وأسبانيا وايطاليا تواجه فيروس يطيح بحياة المئات في الدول الكبري.

ثانياً: إن التحولات في دول الرفاه وتقليص مخصصات التعليم والصحة قد تأكد بالدليل العملي فشلها ، وأن بناء المستشفيات والمدراس أهم من الشركات العملاقة والبنوك العابرة للقارات وشركات السلاح المدمر التي تتحكم في مصير العالم وتعين رؤساء دول والإطاحة بأنظمة.وأنه في مواجهة المرض تتضح أهمية كل دولار او كل جنيه يتم إنفاقه علي الرعاية الصحية.ففي لحظة الوباء تصبح كل منجزات الصناعة الكبري والتقنيات الحديثة لا قيمة لها أمام حقنة مصل أو عقار لمواجهة المرض.

ثالثاً : أن الانفاق علي البحث العلمي ليس ترف ، ولا يجب أن يوجه لصناعة الأسلحة الكبري والمدمرة والمنتجات الاستهلاكية العملاقة بقدر احتياجها لأدوات الحماية الشخصية والتعقيم ومستوي أنظمة الرعاية الصحية وانتاج الأدوية وعدد غرف الرعاية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي .

في المثل العربي نقول ” رب ضارة نافعة” وها هو كورونا يعلنها علي مستوي العالم أنه لا يوجد أهم من الانسان وصحة الانسان التي لا تقدر بثمن.وأن ترسانات الأسلحة النووية والصواريخ الموجهة تفقد قيمتها أمام دواء لعلاج مريض أو غرفة رعاية مركزة تنقذ حياته.

وانه حين يحدث الخطر لا يفرق بين الأمير تشارلز وبائعة فجل في روض الفرج . وأن بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا الذي طالب شعبه في بداية الأزمة بأن يودعوا احبائهم تصيبه كورونا وتجبره علي البقاء في منزله.

الرأسمالية لن تنتهي الآن ولكن كورنا مؤكد مسمار في نعشها ودرس ستعيه الدول الكبري.لكن هل تعيه أيضا البلاد الأقل نمواً ؟!

إلهامي الميرغني

27/3/2020

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.