الرئيسية » مقالات » عبدالعزيز الشناوي يكتب: سيدنا الشعب قال: “الأرض عرض”

عبدالعزيز الشناوي يكتب: سيدنا الشعب قال: “الأرض عرض”

– “إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم…” – المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في: 10 ديسمبر 1948.
هكذا وصل تطور العقل الجمعي لبني آدم عبر العصور، إلى أن الشعب وحده هو صاحب الإرادة، وفي سبيل تحقيق إرادة الشعوب، تبذل الحكومات جهدها وتعمل على نيل رضا أصحاب السيادة.

– “السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم علي مبادىء المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين فى الدستور.” المادة (4) من الدستور المصري الصادر في يناير 2014.

وهكذا، أقر الدستور المصري بأن الشعب، والشعب وحده، هو صاحب السيادة على هذه الأرض أو الإقليم المسمى جمهورية مصر العربية.

ومتى أراد صاحب السيادة “سيدنا الشعب” شيئا، كان على من وكلهم بإرادته أن ينفذوا ما أراد وقتما أراد وكيفما أراد، طلباً وطمعاَ وسعياً نحو رضا “سيدنا الشعب”.

ومتى ما أقر “سيدنا الشعب” دستوراً للبلاد، كان على من اختارهم الشعب لتنفيذ إرادته، سواء تنفيذيين أو نواب في البرلمان، أن يكون صوب أعينهم دائماً، احترام الدستور الذي أراده “سيدنا الشعب” كعقد بينه وبين وكلائه.

وحيث نصت المادة الأولى من الدستور المصري على: “جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء منها، نظامها جمهوري ديمقراطي، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون.”، فإنه أمر ضمني من “سيدنا الشعب” بعدم التنازل عن شئ من أرضه وثرواته ومقدراته، بأي شكل من الأشكال.

وحيث تنص المادة (151) من الدستور المصري في فقرتها الأخيرة على: ” … وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن اى جزء من إقليم الدولة.”، فإنه أمر ضمني من “سيدنا الشعب”، بمنع وكيله _ رئيس الجمهورية _ من إبرام معاهدات تخالف دستوره أو تتنازل عن جزء من إقليمه، نهائياً.

إن الحرص على إعمال سيادة الشعوب، التي تكفلها الدساتير، وتقرها المواثيق الإنسانية، هو ما يمثل الشرعية الأخلاقية لأي نظام حكم في أرض البشر.

ومتى حادت النظم الحاكمة عن إرادة أصحاب السيادة، بدأت تخصم من رصيد شرعيتها الأخلاقية، وكلما تجاوزت النظم حدود سيادة شعوبها، كلما تآكلت شرعيتها، حتى تفقدها وتصبح مغتصبة للسلطة على غير إرادة أصحاب السيادة.

ولا يُعقل على الإطلاق، أن يريد شعب ما بإرادته الحرة، أن يفرط في جزء من أرضه أو يتنازل عنها لدولة أخرى، مهما كان السبب..

وإن كان ليس من حق الأجيال الحالية، أن تفكر أو تطرح هذا الأمر من الأساس، فالأرض ليست ملك الأجيال الحالية بل ملك الأجيال القادمة والتي تليها إلى يوم القيامة، وليس لنا الحق في مناقشة حقوق أجيال المستقبل في أرضهم ومقدراتهم وثرواتهم، ناهينا عن التفريط فيها.

إن إصرار النظام المصري على التمسك باتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، على غير الإرادة المنطقية للشعب المصري، وانتهاجه كافة السبل القانونية والسياسية المشروعة منها وغير المشروعة، لتمرير تلك الاتفاقية، والتنازل عن جزيرتي “تيران وصنافير”، لهو انتهاكٌ صارخٌ لسيادة الشعب، واهتزاز غير مشكوك فيه لشرعية النظام، إذ بات غير مؤتمن على إقليم الدولة التي وكله “سيدنا الشعب” لإدارة شئونها.

لقد قال الشعب كلمته، عبر العصور.. (الأرض عرض).
وحكمت المحكمة بتأكيد أحقية مصر في الجزيرتين.
وخرج الشعب بكامل تنوعه، في مظاهرات رافضة لاتفاقية التنازل.

وكان على النظام الحاكم أن يستمع لكلمة السيد – الشعب – ويتراجع ويعتذر عن هذا الجرم الذي وقع فيه.. ولكن هيهات هيهات أن يتراجع المجرم بعد أن قبض ثمن جريمته!!!

إن الشعوب لا تُفرط في أرضها وعرضها.. ولن ينسى الشعب المصري عبر أجياله، أن أرضه بيعت بهذه الطريقة الأقرب للمساومة على بعض المساعدات المالية، في صفقة حقيرة، عبر مساومة المحتاج على عرضه مقابل سد حاجته!

إننا لن نفرط في أرضنا. ولن نقبل أن نُساوَم على عرضنا.. “تموت الحرة ولا تأكل بثدييها”!

أبداً لن تضيع الجزر وإن مرت اتفاقية الخزي والعار.. فالموت أهون لدينا من استباحة عرضنا.

لن تنسى الأجيال القادمة أرضها المغتصبة.. ولن تبخل بشئ في سبيل استعادتها إن نحن فشلنا في إيقاف الصفقة الحقيرة.
وإلى النظام المشكوك في شرعية استمراره أتوجه… حافظوا على ما بقي لكم من حمرة الخجل.. حافظوا على تبقى فيكم من شرفكم.. حافظوا على عرضكم ولا تفرطوا في أرض الوطن… فغذاً ستندمون وتبكون كما النساء على وطن لم تحفظوه كما الرجال!

عاشت مصر
عبد العزيز الشناوي – باحث حقوقي وسياسي
[email protected]

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.