كتبت : أمال ممدوح
فى رواية يحى حقى الرائعة قنديل أم هاشم يذهب أحد الأطباء لدراسة الطب فى الغرب فى النصف الأول من القرن العشرين فيعود ناقما على تخلف أهله ومتعاليا على البيئة الحاضنة للفقر والجهل التى ترعرع فيها هكذا يفعل الكثير من المتعلمين والمثقفين مع الشعب المصرى يصبون وابل شتائمهم على تخلفه وجهله على صفحات التواصل الاجتماعى وقد نلتمس للبعض العذر لصغر سنه وقلة معرفته كما يحدث فى انتقاد الشباب للبعض من كبار السن الذين تخلفوا عن المشاركة فى الثورة ويوصمونها بالخيانة .لكنى لا ألتمس أى عذر لمن ينتمون الى اليسار ويمتلكون من المعرفة والقراءة التحليلة للواقع فهم حين يسخرون من جهل الشعب واختياراته الخاطئة يسقطون من تحليلاتهم عوامل الافقار والتجهيل وتزيف الوعى فى الاعلام ويسترخى البعض على أريكته المريحة على أحد مقاهى وسط البلد ثم يخرج نفسا عميقا من دخان الشيشة ويكتب على الفيسبوك شتائم للنساء والأقباط وكبار السن والفقراء والصعايدة وغيرهم ويتناسوا أنهم يعيشون بمعزل عن هؤلاء ولايتعاملون معهم بشكل مباشر الا من خلال منظمات المجتمع المدنى وتكون هذه المعاملات جافة وشبه رسمية وسلطوية ليست كالتى كان يتعامل بها المناضل محمود فودة مع الفلاحين فى دكرنس ولا المعاملة التى كان يتعامل بها عم عطيه الصيرفى أو عم فتح الله محروس مع العمال ما الذى يجعل بعض اليسارين يوجهون السباب للنسوة اللائى رقصن فى انتخابات الرئاسة والرقص ليس جريمة والرقص هو نوع من التنفيس لدى المقهورين ونوعا من التعبير لاثبات أن هؤلاء أحياء يتنفسون ويرقصون حتى لو كان الرقص مأجورا فالفقراء فى هذا الوطن يبيعون أعضائهم من أجل لقمة العيش ويبعون كرامتهم وما تبقى من ماء الوجه للتيارات السلفية ورجال الحزب الوطنى والقوات المسلحة وهم يتسولون كرتونة رمضان وهؤلاء يبيعون بناتهم لثرى عربى أو مصرى يوفر لهم مصاريف اطعامها ولأن النساء هم الأكثر معاناة فى ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة فالفقيرات منهن ترقص فرحا لو حصلت على خمسين جنيها أو دجاجة من مزارع الجيش ,لايجب أن نعتب على من خرجت لتحصل على طعام لصغارها وتسعد نفسها لدقائق حتى لو كانت هذه ا لسعادة زائفة بالرقص ,فالأغلب الأعم من المصريات يجدن فى الرقص رئة يتنفسون من خلالها حتى فى الأفراح فالكثير منهن يرقصن للخروج من حالات القهر والبؤس التى تعيشها معظمهن .لابد أن نختلف فى تحليل ما يحدث عن من يحرمون الرقص فى الشوارع لكن يصبح من الجائز والحلال أن تسوق نساءهم المصريات من بيوتهن للتصويت لمرشحيهم تارة للحفاط على الاسلام وتارة للحصول على نقود ,الرقص أمام اللجان الانتخابية هو هتاف الصامتين على حد تعبير الدكتور سيد عويس حين وصف العبارات الغريبة التى يكتبها المصريين على سياراتهم فرقص النساء الفقيرات والمهمشات المأجورات او رقص النسوة اللائى ضللنهن الاعلام وأنصاف المتعلمين من مرتزقة الحزب الوطنى رقصا لحماية الوطن من الارهاب هو هتاف الصامتين لكن رقص الفنانات وساكنات الكومبوندات وزوجات رجال الاعمال وسيدات الاعمال ونائبات البرلمان هو أشبه برقص بعض اليسارين والمثقفين للسلطة .رحم الله السيدة العجوز التى ماتت من الفقر والمرض وهى ترقص أمام اللجان فى مسرحية الانتخابات.