السعودية من بدأ نشأتها تبنت النظام الرأسمالي والسوق المفتوح والاعتماد علي القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي رغم ان الكثير لا يعرف ان حجم القطاع العام السعودي ضخم جدا وأرمكوا اكبر دليل وهي اكبر شركة نفط في العالم .إضافة الي مراكز الرعاية الصحية الحكومية التي تقدم الخدمات المجانية ومستشفيات وزارة الصحة التي تقدم الخدمة المجانية ايضا.
السعودية تجمع في الصحة بين النظام الحكومي والقطاع الخاص وعدد السكان حوالي 33.4 مليون نسمة في 2018 ولديهم 2393 مركز رعاية صحية أولية و282 مستشفي تابع لوزارة الصحة تضم 43,080 سرير. عدد السكان تقريبا ثلث عدد سكان مصر ولكن عدد الأسرة الحكومية تقريبا نصف عدد الاسرة الحكومية في مصر. في نفس العام راجع المستشفيات العامة السعودية المجانية أكثر من 52 مليون مراجع بينما راجع المستشفيات العامة في مصر 74.7 مليون منهم 55.5 مليون في العيادات الخارجية .
اضافة لذلك يوجد بالسعودية نظام علاج علي نفقة الدولة وهو يتم خارج المملكة وفي عام 2017 عالج 2309 مريض بتكلفة تصل الي 2.4 مليار ريال .
مصر عدد سكانها 100 مليون نسمة وعندها 390 مستشفي تابعة لوزارة الصحة بطاقة 38.1 ألف سرير يعني عدد اسرة وزارة الصحة في السعودية اكثر من مصر مع فارق عدد السكان . مصر بها جهات حكومية تقدم خدمات صحية غير وزارة الصحة وهي تضم 121 مستشفي بطاقة 23.5 الف سرير.
طبعا مصر فيها وحدات رعاية أولية في الريف أكثر من 4368 ولكن في الحضر في 104 مركز حضري و 361 وحدة طب أسرة فقط . المشكلة ان الوحدات الريفية تعاني من نقص الإمكانيات المادية كالأدوية والمستلزمات الطبية وكذلك عجز الأطباء والتمريض وخاصة في المناطق النائية .
منذ عقود مضت كانت مصر ترسل الأطباء والاستشاريين والاحصائيين للسعودية ولكن مع تطور السنوات أصبحت كليات الطب السعودية توفر نسبة كبيرة من احتياجات السعودية إضافة لوجود نظام متطور للابتعاث الخارجي. كما تملك نظام احصائي متطور وتوفر إتاحة للبيانات والمعلومات بينما مصر رفعت الكتاب الاحصائي من صفحة وزارة الصحة من 2009 والمعلومات الصحية لا تتوفر الا من خلال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.
لماذا السعودية ؟!
اخترت السعودية للمقارنة مع مصر لأنها دولة تتبني نظام السوق الرأسمالي ولكن في مجال الصحة لازالت الدولة مسيطرة علي الجانب الرئيسي من منشآت تقديم الخدمات الصحية.لم اريد المقارنة مع دول أوروبية لأن المقارنة بالحالة السعودية أسهل وأقرب ورأسمالية وهي اقرب في المقارنة.
في موازنة السعودية لعام 2020 المخصص للانفاق علي الصحة والتنمية الاجتماعية 172 مليار ريال وهو ما يعادل 15.5% من الانفاق الحكومي السعودي.في مصر موازنة الصحة في الموازنة الجديدة اللي شهدت طفرة مقارنة بالعام الماضي بسبب كورونا الانفاق علي الصحة 93.5 مليار جنيه وهو يعادل 5.5% من مصروفات الحكومة المصرية في موازنة 2020-2021 .
السعودية عندها انفلونزا طول السنة لأن فيها 13 مليون اجنبي مقيمين غير اللي بيخرجوا ويرجعوا بامراض من كل بلاد العالم.اضافة الي موسم الحج اللي بيحضره اكثر من 3.5 مليون منهم 2 مليون من خارج السعودية من كل دول العالم.ولذلك السعودية عندها تخصص بتصرف عليه كثير أسمه ” طب الحشود ” للتعامل مع الامراض المختلفة في مواسم الحج والعمرة.ولذلك عندهم انظمة متطورة للرصد والتتبع للأمراض والأوبئة وخاصة الانفلونزا .
عام 2012 ظهر في السعودية تحور لسارس سمي متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ولكن استطاع النظام الصحي السعودي الصمود والمواجهة وعبور الوباء ولذلك تكونت لديه خبرة هي التي تظهر الآن في مواجهة كوفيد 19.
كما أوضحت فإن السعودية لديها نظام متطور للرصد والتتبع ومنذ اسابيع اعلن عن اغلاق لبعض المناطق والمدن السعودية بالكامل.والان بعد ان أعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 مارس أن كوفيد 19 جائجة عالمية . كيف تطور الوباء في السعودية ومصر.
اليوم بلغ عدد الاصابات في السعودية 37.1 ألف اصابة منها 10 الالاف حالة شفاء بنسبة 27.3 % من الاصابات وفي مصر بلغ عدد الاصابات المعلنة 8964 حالة وعدد الحالات التي شفيت وغادرت المستشفيات 2002 بنسبة 22.3% من عدد الإصابات .
علي مستوي حالات الوفاة بلغ إجمالي عدد حالات الوفاة في السعودية حتي اليوم 239 حالة بنسبة 0.6% أي أقل من 1% بينما الوفيات في مصر 514 حالة بنسبة 5.7%.
رغم إرتفاع عدد الاصابات في السعودية الا ان نظام العزل يطبق باحكام بل ان يوجد تطبيق علي الموبايلات يوضح لو تجاوز الشخص منطقة سكنه باكثر من واحد كيلو متر يتم الابلاغ عنه كاسر للحظر وتوقع عليه غرامة مالية تصل الي الحبس. ورغم ان عدد الاصابات 4 أضعاف الاصابات في مصر الا ان الوفيات أقل من 1% بينما تصل الي 5.7% في مصر.
يرجع ذلك لوجود نظام صحي حكومي مركزي في السعودية يدار بكفاءة وفاعلية عالية ويطبق حظر شامل في بعض المدن بحزم في التطبيق إضافة لقوة المرافق الصحية الحكومية وانتشارها وقوة انظمة الترصد والمتابعة إضافة الي توفير التمويل اللازم من موازنة الحكومة للقطاع الصحي .
ليست كل الرأسماليات مثل بعضها. والكورونا مرض يمكن مواجهته بالعلم وتوفير الموارد اللازمة وليس بتحويل الصيادلة لأطباء أو التوسع في العزل المنزلي .
إلهامي الميرغني
9/5/2020