الرئيسية » مقالات » الدكتور مصطفي كامل السيد يقدم رؤيته لانتهاكات دستور 2014

الدكتور مصطفي كامل السيد يقدم رؤيته لانتهاكات دستور 2014

الدكتور مصطفي كامل السيد يرصد 10 انتهاكات وقعت علي دستور 2014

ويرصد مخالفة الاستحقاقات الدستورية وعدم صدور قانون العدالة الانتقالية ومفوضية مكافحة التمييز وقانون الإدارة المحلية  

بمناسبة الحديث الجاري حول تعديلات دستورية، يسعدني أن أساهم في هذا النقاش بطرح هذا البحث الذي كنت قد أتمتته منذ فترة حول مدي مراعاة دستور ٢٠١٤ علي أرض الواقع. أرجو أن يستفيد منها أعضاء مجلس النواب عند مناقشتهم للتعديلات الدستورية المقترحة من إئتلاف دعم مصر.
ماذا تحقق من وعود الدستور؟

لقد كان الإنجاز الأول الذي حققته مسيرة الشعب المصري بعد الموافقة علي الدستور في استفتاء شعبي شارك فيه قرابة 21 مليون من المصريين وبنسبة38.6% ممن لهم حق التصويت ، ثم انتخاب رئيس للجمهورية شارك فيه خمسة وعشرون مليون مواطن يمثلون 48 % ممن لهم حق التصويت في مناخ اكتسحته الشعبية الهائلة التي حظي بها المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع منذ يوليو ٢٠١٣ بسبب دوره القيادى في ثورة يونيو التي التحمت فيها القوات المسلحة مع جماهير الشعب في رفض الحكم الفاشل لجماعة الإخوان المسلمين ..

كما جاء انتخاب مجلس النواب في أكتوبر 2015 ترجمة أخري لمباديء الدستور التي سعت لاستكمال بناء دولة المؤسسات في مصر ، خاض هذه الانتخابات عدة آلاف من المرشحين توزعوا بين مرشحي القوائم ومرشحين أفراد عكسوا معظم التوجهات السياسية في مصر، وإن كان اعتبار جمعية الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وفقا لحكم قضائي وقرار من مجلس الوزراء، قد أدي إلي استبعاد من ينتمون إلي هذه الجماعة من كل من الانتخابات الرئاسية والنيابية علي حد سواء.

كما كان ثالث هذه الإنجازات هو أن الحكومة ومجلس النواب المنتخب بدآ في ممارسة اختصاصاتهما وفقا للقواعد التي وضعها الدستور، فانتقلت سلطة التشريع إلي مجلس النواب، واقتصرت السلطة التنفيذية علي أداء المهام المخولة لها بحكم الدستور.
و رابع هذه الإنجازات هو ْإلغاء وزارة الإعلام وتشكيل ثلاث من الهيئات الإعلامية التي دعا إليها الدستور،
والتي بدأت بالفعل في ممارسة أعمالها، وهي المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام.
وبالإضافة إلي ذلك قيام مجلس النواب بالنظر في أول اجتماعاته في القوانين التي أصدرتها
السلطة التنفيذية في غيابه والتي بلغت ثلاثمائة واثنين وأربعين قانون.

أين ابتعدت الممارسة عن نصوص الدستور؟
ومع ذلك كانت هناك ممارسات عديدة من جانب كل من مجلس النواب والسلطة التنفيذية حدث فيها ابتعاد عن نصوص الدستور ، وليس فقط عن روحه ، ونرصد فيما يلي هذه الممارسات:
1- وعلي الرغم من ضيق المدة التي حددها الدستور للنظر في المراسيم بقوانين التي صدرت في غياب مجلس تشريعي، إلا أن روح الدستور كانت تقتضي ألا يكتفي المجلس بمجرد النظر في كل هذه القوانين، وكثير منها ذو طبيعة إجرائية، وإنما أن يناقش عددا من هذه القوانين يتعلق بالحقوق الأساسية للمواطنين ، مثل تعديلات قانون الأحكام الجنائية وقانون التظاهر، ولذلك يعتبر إقرار هذه القوانين دون مناقشة كما تستلزم ذلك المادة 156 خروجا علي الدستور.

2– تقضي – المادتان و156و١٤٥ من الدستور بأن يقدم رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة إقرارا عن ذمتهم المالية عند بدء تولي مهام مناصبهم، وهو ما لم يتم .

3-وفيما يتعلق بالحقوق والحريات هناك العديد من الممارسات التي لا تتفق مع نصوص المواد ذات الصلة في الدستور:
أ- تحظر المادتان ٥٥ و٥٦ تقييد الحرية الشخصية بالقبض علي أى مواطن دون تلبس أو أمر قضائي وممارسة التعذيب بحقه أثناء فترة احتجازه ، ومع ذلك هناك مواطنون مازالوا في السجون بدون محاكمة في إطار الحبس الإحتياطي ، وتكرر ذلك في الأسابيع الأخيرة بالقبض علي عشرات من الشباب من نشطاء الأحزاب السياسية، كما ارتكبت جريمة التعذيب بحق كثيرين وفقا لتقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات حقوق الإنسان، المصرية والعربية.
ب-كشفت ماسميت بالتسريبات لمكالمات تليفونية لشخصيات عامة أذيعت علي شبكات تلفزيون معينة انتهاك حرمة الحياة الخاصة بما في ذلك حرمة المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية، خلافا للمادة ٥٧ التي تنص أيضا علي كفالة سرية هذه المراسلات وعدم جواز مصادرتها أو الإطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمرقضائي مسبب ،
ج- حظر السفر للعديد من المواطنين دون صدور حكم قضائي خلافا للمادة ٦٢ التي تنص علي حرية التنقل والإقامة والهجرة، والتي تحظر المنع من مغادرة إقليم الدولة إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون،
د- إقامة دعاوي بالسجن عقابا علي ما يعتبره البعض إزدراءا الأديان خلافا لنصوص المواد ٦٤ الخاصة بحرية الاعتقاد، و٦٥ الخاصة بحرية الفكر والرأي و٦٧ التي تكفل حرية الإبداع الفني والأدبي، فضلا عن بقاء عشرات من الصحفيين قيد الحبس.
ه- إغلاق العديد من المواقع الإخبارية المصرية المصرح لها بالعمل وذلك خلافا للمادتيتن ٧٠ و ٧١، فالأولي تكفل حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمسموع والإلكتروني، والثانية تحظر بأى وجه فرض رقابة علي الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها.

و- إصدار القانون ١٠٧ لسنة ٢٠١٣ بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والذي وافق عليه مجلس النواب في بداية انعقاد دوره الأول ، والمقيد لحق التجمع السلمي خلافا للدستور ،والتلكؤ في تعديل النص الذي قضت المحكمة الدستورية العليا لمخالفته للدستور بتقييده الحق في التظاهر بالإخطار ،وذلك باشتراط التصريح بالتظاهر في ذلك االنص من جانب قسم الشرطة المعني.
ز- إدخال قيود علي حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية علي أساس ديمقراطي والسماح بالتدخل في شئونها بالمخالفة لنص المادة 75 التي تنص علي أن يكون لهذه الجمعيات والمؤسسات الأهلية الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار، كما تحظرهذه المادة تدخل الجهات الإدارية في شئونها، وهو ما تنكر له القانون 70 لسنة 2017 ا لذي فرض قيودا تحكمية علي ممارسة هذا الحق، وخول سلطات الإدارة تدخلا واسعا في شئونها، والمبالغة وعلي هذا النحو يصبح هذا القانون مجافيا لروح العمل الأهلي ومعوقا له..
ح- عدم توفير الأمن للمواطنين، وخصوصا من غير المسلمين الذين اضطر بعضهم تحت التهديد من جماعات متعصبة إلى الرحيل عن أماكن إقامتهم المعهودة ، خلافا لنص المادة 59 بأن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وأن الدولة تلتزم بتوفير الأمن والطمأنينة لكل مواطنيها وكل المقيمين علي أراضيها.
6- المضي في إقامة عاصمة جديدة للبلاد خلافا لنص المادة 222 التي تقضي بأن مدينة القاهرة هي عاصمة جمهورية مصر العربية، فضلا عن مواد أخرى تلزم بعقد اجتماعات مجلس النواب والحكومة في القاهرة، وذلك دون أى مناقشة عامة لهذا الموضوع مع المواطنين الذين يهمهم أمره ولا داخل الحكومة أو في مجلس النواب.
7- تجاهل نص المادة 151 التي التى تحظر عقد أى معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن جزء من إقليم الدولة مثل جزيرتي تيران وصنافير.
8- مخالفة نصوص المواد 5، 94، 184 التى تؤكد علي قيام النظام السياسي علي أساس الفصل بين السلطات، وعلي ضرورة التشاور مع مجالس الهيئات القضائية المختصة ، وهي المجلس الأعلي للقضاء ومجلس الدولة والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الحكومة، عند إصدار قوانين تتعلق بشئونها، وذلك بإصدار تعديلات لقوانين هذه الهيئات تسمح بتدخل السلطة التنفيذية في تعيين رؤسائها دون التشاور مع هذه الهيئات ، وتجاهلا لرفضها لهذا التعديل قبل موافقة مجلس النواب عليه.
9- الامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية ملزمة خلافا لنص المادة 100 بأن الامتناع عن تنفيذ الأحكام أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وذلك بعدم تنفيذ مجلس النواب حكم محكمة النقض بصحة انتخاب الدكتور عمرو الشوبكى نائبا عن دائرة الدقي، وخلافا لنص المادة 107 بأن محكمة النقض هى التي تختص بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس النواب.
10- التباطؤ في تخصيص النسب المقررة في الدستور من الناتج القومي الإجمالي لخدمات الصحة والتعليم والبحث العلمي وفقا لما قضت به المواد 18، 19، 23، أو المادة238 التى ألزمت الدولة ببلوغ هذه النسب في الموازنة المالية لسنة .2016-2017.

استحقاقات دستورية يجب استكمالها
وفضلا علي ماسبق، هناك مهام أخري عهد بها الدستور لمجلس النواب لم يتم إنجازها، ولم يشرح مجلس النواب للمواطنين سبب التأخر في الوفاء بها ، ومنها ثلاث مهام :
1-إصدار قانون للعدالة الإنتقالية وفقا لنص المادة 241 التي تلزم مجلس النواب بذلك في أول دور انعقاد له بعد نفاذ الدستور، واعتبرت المادة أن مهمة هذا القانون هي كشف الحقيقة والمحاسبة واقتراح أسس المصالحة القانونية، وتعويض الضحايا وذلك وفقا للمعايير الدولية.
2-إنشاء مفوضية مستقلة لمكافحة التمييز وفقا لنص المادة 53، وهو ما تأخر مجلس النواب في إنجازه دون سبب واضح، وخصوصا أن التمييز ضد المواطنين من غير المسلمين، وكذلك النساء مستمر بل ويتزايد سواء في توفير الأمن أو إقامة دور العبادة بالنسبة للأولين، أو في سوق العمل للأخريات، وبالنسبة لهم جميعا بتجاهلهم في الخطاب العام والمقررات الدراسية، أو بطرح صورة سلبية عنهم في الإعلام وفي المقررات الدراسية.
3-إصدار قانون بنظام الإدارة المحلية، وخصوصا وأن الدستور دعي إلى إدخال نظام الإدارة المحلية المنصوص عليه في المادة 180 تدريجيا خلال خمس سنوات من نفاذ الدستور، أى قبل سنة 2019. والتأخر في إصدار هذا القانون هو الذى جعل المحليات غائبة عن أى رقابة شعبية منذ آخر انتخابات لها في سنة 2008 ثم حل هذه المجالس المنتخبة بعد ثورة يناير 2011.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.