الرئيسية » مقالات » هيثم الشيخ يكتب دماء خاشقجى بين مساومات السياسة والشرعية الدولية !

هيثم الشيخ يكتب دماء خاشقجى بين مساومات السياسة والشرعية الدولية !

توصيف مقتل خاشقجى منذ البداية ، أنها جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد بتوافر ركنا الجريمة المادى والمعنوى فضلاً عن الطريقة والأداة المستخدمة ، طريقة لم تقدم داعش على إستخدامها من ذى قبل ! ، وبذلك لم تجدى معها أية تبريرات ساقها الجانب السعودى ، لذا فإن إعترافه مؤخراً جعله مطالباً بتقديم الجثة .

على مستوى الزمان والمكان تحتل جريمة مقتل خاشقجى صدارة جرائم الإغتيال السياسى فى عصرنا المعاصر إن لم يكن فى العصر الحديث منذ بدايته ، كما أن لمكان تنفيذ الجريمة قدسيته الخاصة ، فمقر قنصلية أى دولة هو مقر للعمل على تنمية العلاقات الإقتصادية والتجارية والثقافية والسياسية بين الدولة الموفدة والدولة الموفد إليها وتقديم يد العون والمساعدة لرعايها لا يد البطش والترويع والقتل خارج القانون ، جوهر الدبلوماسية هو فن التفاوض لا همجية القتل ، ناهيك عن أن الجريمة تمت داخل حدود دولة أجنبية بما له من دلالات خطيرة إستفزت المجتمع الدولى الذى لن يسمح أن يدنس مكان دبلوماسى بمثل هذه الجرائم التى تطعن وتقوض من فكرة السلام الدولى ذاته .

المكاسب السياسية وشرعية المجتمع الدولى

إستطاع أردوغان من خلال إدارته للملف منذ البداية خلق رأى عام دولى ضد سلمان ونجله لا بمنطق الحامى لحقوق الإنسان ولكن بمنطق اللاعب الذى يجيد قواعد اللعبة ، فبجانب المكاسب الاقتصادية استطاع اردوغان أن يطرح بعض الملفات للمساومة السياسية منها ، فك الحصار عن قطر وإشراك حماس فى أية تسويات فلسطينية ، ووقف العمليات العسكرية فى اليمن ، ووقف دعم الأكراد فى سوريا ، فك الحصار عن الإخوان فى مصر ، بعضها قيد الاستجابة وبعضها قيد المساومة .

كما إستفاد الديموقراطيون مؤخراً من إستغلال ورقة خاشقجى لحسم إنتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى ، الأمر الذى سيمنح القضية مزيداً من الضغط والاستمرارية . فى المقابل فإن مشروع الرئيس الأمريكى ” دولاند ترامب ” ونسخته فى الأطراف بات مهدداً ، فجولات العدو الصهيونى داخل الخليج مؤخراً تنم عن تهديد بدا يتنامى لديهم بتهديد صفقة القرن ، وتوسط البعض لدى ترامب لإنقاذ بن سلمان كشف النقاب عن قلق الأطراف من نارٍ تحت الرماد ! وبين هذا وذاك فإن دماء خاشقجى وضعت الشرعية الدولية على المحك ، فالمجتمع الدولى اليوم أمام إختبار حقيقى لدى شعوب العالم من أجل الإنتصار لقيم العدل والحق ، فما فرضته دماء خاشقجى على المجتمع الدولى لن يستطيع إستبداد ترامب فى المركز وإستبداد صبيانه فى الأطراف محوه ، وخضوع المجتمع الدولى لمساومات السياسة فى هذا الملف معناه شرعنة للاستبداد وحماية للمستبدين فى قمع شعوبهم . وعلى أية حال ، فإن إنتفاضة العالم بهذا الزخم ضد قتل خاشقجى ستطمس أية محاولات لتبرئة الفاعل الحقيقى .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.